كيف نُثْري الذكاءات المتعددة ؟ تجربة التعليم والتنمية لدى الأطفال

شارك هذه المنشور

الأحد 10/11/2024

تغريد برهوش

كيف نُثْري الذكاءات المتعددة ؟ تجربة التعليم والتنمية لدى الأطفال

“كل عقل له طريقته الخاصة للتألق”

 

في عالمنا اليوم، يتطلب النجاح في الحياة ليس فقط المهارات الأكاديمية التقليدية، بل أيضًا القدرة على تطوير مجموعة متنوعة من القدرات الشخصية والذهنية. هنا تأتي أهمية نظرية الذكاءات المتعددة التي طرحها الباحث هوارد غاردنر في الثمانينات، والتي أعادت تعريف الذكاء من خلال إبراز تعدد الأبعاد التي يمتلكها كل فرد. فكل طفل يمتلك نوعًا مميزًا من الذكاء قد لا يتم اكتشفه إذا تم التركيز فقط على الأساليب التقليدية للتعليم. في هذه المقالة، سنستعرض كيفية توظيف الذكاءات المتعددة في عملية التعليم والتنمية للطلاب، مع تسليط الضوء على دور المعلمين والآباء والمربين في دعم هذه الذكاءات.

v   مفهوم الذكاءات المتعددة

نظرية الذكاءات المتعددة تفترض أن الذكاء ليس سمة ثابتة أو متجانسة، بل يتكون من عدة أنواع من القدرات أو “الذكاءات” التي يمكن أن يمتلكها الشخص. بناءً على هذه النظرية، يمكن للطلاب أن يكونوا أذكياء في مجالات مختلفة قد لا تظهر في اختبارات الذكاء التقليدية.

غاردنر صنف هذه الذكاءات إلى ثمانية أنواع رئيسية، مع إمكانية إضافة أنواع أخرى في المستقبل بناءً على التغيرات والمستجدات المرتبطة بفهمنا للعقل البشري.

v   أنواع الذكاءات المتعددة

 

1-   الذكاء اللغوي

ويتعلق بالقدرة على استخدام اللغة بفعالية، سواء في الكتابة أو التحدث. الأطفال الذين يمتلكون هذا الذكاء يظهرون مهارات قوية في القراءة، الكتابة، والتعبير عن أنفسهم بالكلمات. و يتعلم هؤلاء الأطفال بشكل أفضل من خلال الأنشطة التي تتطلب القراءة والكتابة، مثل قراءة القصص، كتابة المقالات أو القصائد، وتنظيم المناقشات والحوارات.

2-   الذكاء المنطقي/  الرياضي

يتسم الأشخاص الذين يمتلكون هذا النوع من الذكاء بقدرتهم على التفكير التحليلي وحل المشكلات الرياضية. هذه القدرة مهمة في التعامل مع الأرقام والنماذج المعقدة. وأفضل طرق التعلم تظهر من خلال حل المشكلات الرياضية، الألعاب العقلية مثل الألغاز، أو التجارب العلمية التي تتطلب استخدام التفكير النقدي والتحليل.

3-   الذكاء المكاني

يرتبط الذكاء المكاني بالقدرة على التفكير في الأبعاد المكانية والتصور العقلي للأشياء. والأطفال الذين يتمتعون بهذا الذكاء يظهرون قدرة على قراءة الخرائط، فهم الأشكال والأحجام، وقدرة على التصور المبدع.

وأفضل طرق التعلم تكون من خلال الأنشطة التي تشمل الرسم، النمذجة باستخدام الطين أو المكعبات، واستخدام الأدوات التكنولوجية مثل برامج التصميم الهندسي أو الجرافيك.

4-   الذكاء الجسدي الحركي

يتمتع الأشخاص الذين يمتلكون هذا الذكاء بقدرة على استخدام أجسامهم بمهارة. الأطفال الذين يمتلكون هذا الذكاء يتفوقون في الأنشطة البدنية مثل الرياضة أو الرقص. وأفضل طرق التعلم تكون من خلال الأنشطة الحركية مثل الرياضة أو الرقص، والأنشطة العملية التي تتطلب التحرك واستخدام الجسم، مثل بناء النماذج والتجارب العلمية .

5-   الذكاء الموسيقي

يظهر الأشخاص ذوو الذكاء الموسيقي القدرة على فهم وتكوين الألحان والمقامات الصوتية. يتفوق هؤلاء الأطفال في التفاعل مع الموسيقى والغناء والعزف على الآلات.

يتعلم هؤلاء الأطفال بشكل أفضل من خلال الاستماع إلى الموسيقى، غناء الأناشيد، العزف على الآلات الموسيقية، أو حتى المشاركة في الأنشطة الموسيقية التي تشمل التعلم من خلال الإيقاع واللحن.

6-   الذكاء الاجتماعي

يرتبط هذا النوع من الذكاء بقدرة الأفراد على فهم الآخرين والتفاعل معهم بفعالية. هؤلاء الأشخاص بارعون في التعامل مع الأقران وبناء العلاقات.

 وأفضل طرق التعلم بالنسبة لهم تكون من خلال الأنشطة الجماعية التي تشمل التعاون وحل المشكلات ضمن فرق، تنظيم الألعاب الجماعية، أو المشاركة في المناقشات الجماعية و النشاطات التي تحفز على التفاعل الاجتماعي.

7-   الذكاء الشخصي (الذاتي)

 وهو القدرة على فهم الذات واستخدام هذا الفهم في اتخاذ القرارات. الأطفال والأشخاص الذين يتمتعون بهذا الذكاء يكونون واعين لمشاعرهم ويفهمون نقاط قوتهم وضعفهم.

ويتعلم هؤلاء بشكل أفضل من خلال الأنشطة التي تشجع على التأمل الذاتي، مثل كتابة اليوميات أو إجراء جلسات مناقشة حول المشاعر أو الطموحات الشخصية.  مما يساعدهم في تقديم ملاحظات بناءة وعلى فهم أفضل لذاتهم.

8-   الذكاء الطبيعي

يتسم الأشخاص الذين يتمتعون بهذا النوع من الذكاء بقدرتهم على التفاعل مع العالم الطبيعي وفهمه. ويتمتع الأطفال الذين يتمتعون بالذكاء الطبيعي أوما يعرف ايضًا بالذكاء البيئي بمهارات مثل التمييز بين الأنواع المختلفة من النباتات والحيوانات وفهم البيئة بشكل عام.

وأفضل طرق التعلم لهؤلاء الأطفال هي من  خلال الأنشطة التي تتطلب الاتصال بالطبيعة، مثل المشي في الهواء الطلق، زراعة النباتات، أو المشاركة في الأنشطة البيئية التي تساهم في فحص وفهم النظم البيئية

v   مقترحات إجرائية لتطبيق الذكاءات المتعددة في عملية التعلم

ü    تشجيع الطلاب على البحث والاستكشاف بشكل مستقل بناءً على اهتماماتهم وقدراتهم.

ü    توفير موارد تعليمية متنوعة مثل الكتب أو الفيديوهات التي تناسب أنواع الذكاء المختلفة.

ü    تقديم فرص تقييم متنوعة مثل استخدام أساليب تقييم متنوعة كالأنشطة العملية، المشاريع، والاختبارات الشفوية لقياس تقدم الطلاب.

ü    تنويع أساليب التدريس ودمج أساليب تدريس متعددة (مثل التعليم التعاوني، والتعلم القائم على المشاريع) لضمان تلبية احتياجات كل نوع من أنواع الذكاء.

ü    استخدام التعلم التفاعلي والتقنيات الحديثة لجذب انتباه الطلاب وتعزيز مشاركتهم.

ü    التركيز على الذكاء العاطفي من خلال تدريب الطلاب على مهارات التواصل الفعّال والتفاعل مع مشاعرهم ومشاعر الآخرين.

ü    استخدام أنشطة متنوعة في الفصول الدراسية مثل دمج الأنشطة البدنية والفنية والموسيقية لتحقيق المخرجات المرجوة في عملية التعلم.

ü    ⁠تشجيع التفاعل بين الذكاء الذاتي والاجتماعي من خلال :

§       دعم الطلاب في فهم أنفسهم بشكل أفضل من خلال الأنشطة التي تعزز الذكاء الذاتي (مثل التأمل أو كتابة اليوميات)

§       تخصيص وقت لإعادة تقييم الطلاب لأنفسهم وتحديد نقاط قوتهم ونقاط تطورهم.

§       تشجيع الطلاب على التفكير النقدي حول طريقة تعلمهم وتحديد استراتيجيات جديدة لتحسين أدائهم.

 

تتعدد وتتنوع الذكاءات البشرية بشكل كبير، ما يتطلب منا كمعلمين وآباء ومربين أن نكون أكثر وعيًا بقدرات الأطفال المختلفة، ونعمل على تنميتها وتوجيهها بطريقة مناسبة. , وحيث أن هدفنا إعداد جيل مبدع وموهوب، علينا أن نمنح أطفالنا الفرصة لاكتشاف وتطوير جميع أبعاد ذكائهم، دون التقيد بمعايير تقليدية.

تطبيق الذكاءات المتعددة في التعليم والتنمية الشخصية يساعد أطفالنا على الوصول إلى إمكانياتهم الكاملة والنجاح في الحياة. 

“الاختلاف في الذكاءات مصدر قوة، لا تمييز”

 

 


 

Eduresilience Team

المزيد من المقالات

جميع الحقوق محفوظة . صمم بواسطة موركيز